أجرة الخطية هي موت ( رو 5 : 23 )
بمعنى أن طبيعة الخطية وثمرتها هي موت ، فالخطية من تلقاء ذاتها تحمل قوة الموت ، أي ثمرتها الطبيعية هي الموت ، فالموت دخل إلى العالم بغواية العدو وقبول الخطية والسقوط فيها ، واستحالة السقوط يقوم ، أو الموت يُقلب لحياة من تلقاء ذاته ، لأن الموت يتبعه الفساد ، والإنسان الذي يحيا في جسد الخطايا أي الإنسان العتيق المكبل بقيود الخطايا والذنوب مستحيل أن يصبح روحاني من ذاته أو يقدر أن يُثمر ثمر يليق بالروح " هل يجتنون من الشوك عنباً أو من الحسك تيناً " ( مت 7 : 16 ) :
" .. لما كنا في الجسد كانت أهواء الخطايا التي بالناموس تعمل في أعضائنا لكي نُثمر للموت " ( رو7 : 5 ) ؛ " أنا جسدي مبيع تحت الخطية " ( رومية 7 : 14 ) .
" فإن الذين هم حسب الجسد فيما للجسد يهتمون ، ولكن الذين حسب الروح فبما للروح . لأن اهتمام الجسد هو موت ، ولكن اهتمام الروح هو حياة وسلام . لأن اهتمام الجسد هو عداوة لله ، إذ ليس هو خاضعاً لناموس الله لأنه أيضاً لا يستطيع . فالذين هم في الجسد لا يستطيعون أن يرضوا الله " ( رو8 : 5 – 8 )
عموماً مستحيل أن يبدأ الإنسان في التوبة إلا لو اكتشف شقاؤه وتيقن من ضعفه وتعرف على عار الخطية المشين ونخس قلبه الروح القدس حتى يستفيق من غفلته ، ولا يبدأ الإنسان في عمق أصالة التوبة إلا إذا صرخ من الألم : " ويحي أنا الإنسان الشقي : من يُنقذني من جسد هذا الموت !!! " ( رو7 : 24 )
وفي تلك الساعة يشق ظلمة قلبه نور المسيح الحلو فينطق من كل قلبه : " أشكر الله بيسوع المسيح ربنا " ( رو7 : 25)
يقول القديس مقاريوس الكبير :
[ أن من يأتي إلى الله ويرغب أن يكون بالحق شريكاً للمسيح ينبغي أن يأتي واضعاً في نفسه هذا الغرض : ألا وهو أن يتغير ويتحول من حالته القديمة وسلوكه السابق ، ويُصير إنساناً صالحاً جديداً ، ولا يتمسك بشيء من الإنسان العتيق . لأن الرسول يقول : " إن كان أحد في المسيح فهو خلقية جديدة " ( 2كو 5 : 17 ) ، وهذا هو نفس الغرض الذي من أجله جاء ربنا يسوع ، أن يُغير الطبيعة البشرية ويُحولها ويُجددها ، ويخلق النفس خلقة جديدة ، النفس التي كانت قد انتكست بالشهوات بواسطة التعدي . وقد جاء المسيح لكي يوّحد الطبيعة البشرية بروحه الخاص ، أي روح الله ، وهو قد أتى ليصنع عقلاً جديداً ، ونفساً جديدة ، وعيوناً جديدة ، وآذاناً جديدة ، ولساناً جديداً روحانياً ، وبالاختصار أناساً جدداً كلية – هذا هو ما جاء لكي يعمله في أولئك الذين يؤمنون به . إنه يُصيرهم أواني جديدة ، إذ يمسحهم بنور معرفته الإلهي ، لكي يصب فيهم الخمر الجديد ، الذي هي روحه ، لأنه يقول إن " الخمر الجديدة ينبغي أن تُضع في زقاق جديدة " ( مت 9 : 17 ) ]
عظات القديس مقاريوس الكبير عظة 44 فقرة 1 ص 332
الطبعة الرابعة – ترجمة الدكتور نصحي عبد الشهيد يناير 2005
مؤسسة القديس أنطونيوس – المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية
نصوص آبائية 85