يقول المزمور "الرحمة والحق تلاقيا، البر والسلام تلاثما"
هذه القصة الجميلة تذكرنا بقصة الصلب والفداء حين
اجتمعت محكمه العدل الإلهية أيام البدء، لمحاكمه آدم على سقوطه الذي أدى الى فساد الطبيعة البشرية التي خلقها الله على صورته ومثاله.
زُج المجرم آدم مكبل اليدين في قفص الاتهام - وهو لا يعي ما مدى الشر الذي ارتكبه!!!
ترأس المحكمة قاضى القضاة الأعظم الرب الإله ألآب الضابط الكل،
وبعضويه كل من المدعى العام: عدل الله......
ومحامى الدفاع: رحمه الله.....
وبحضور جمع غفير من الملائكة.
صاح الحاجب بصوت جهوري اهتزت له إرجاء القاعة: محكمه!!!
بدأ القاضي الأعظم الكلام موجها حديثه للمدعى العام قائلا:
- تكلم أيها العدل، ماذا لديك؟
قال العدل:
- كسر آدم الوصية رقم واحد من القانون الإلهي ونصها:
"من جميع شجر الجنة تأكل أكلآ.
وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها.
لأنك يوم تأكل منها موتا تموت" تكوين 17-2:16
وعليه استحق آدم حكم الموت الأبدي عليه وحالاً.
القاضي الأعظم: محامى الدفاع يتكلم
قالت الرحمة:
- آدم مخلوق ضعيف:
خلق من تراب الأرض: أي ذو طبيعة ضعيفة ومائلة
وقد اغوي من قبل آخر: شيطان ماكر
ولا بد من أن تجد الرحمة له سبيلا؟!!
- العدل: أنسيتي يا أختي الرحمة أن الشيطان هذا كان ملاكا،
وعندما سقط حكم عليه بالطرد من حضره الإله،
ونهايته ستكون في البحيرة المتقدة بالنار والكبريت؟؟
- الرحمة: لاحظ هنا يا أخي العدل
أولا أن الشيطان مخلوق نوراني لا ضعف في تركيبه،
ليس كآدم الضعيف الذي خلق من تراب!
وثانياً الشيطان لم يغوه احد!
أما آدم فقد زل نتيجة خديعة الشيطان له.
لذلك لا يجوز أن يتعادلا بالحكم.
- العدل: مهما كانت المبررات، فآدم سقط وعقوبته هي الموت !
هذا هو العقاب العادل حسب نص القانون الذي تليته سابقا.ً
إن لم يمت آدم يكون القاضي غير عادل لأنه ساوى بين حالة آدم قبل الخطيئة وبعدها!!!
- الرحمة: ألا يكفى طرده من الفردوس؟
- العدل: لا يكفى
- ألا يكفى شقاؤه على الأرض وانه بعرق جبينه يأكل خبزه؟
- لا يكفى
- ألا يكفى أن يعيش هو وذريته على ارض الشقاء طوال أيامهم؟
- لا يكفى
- ألا يكفى تعرضهم لمحاربات عدوهم الشيطان وزبانيته طوال حياتهم على الأرض؟
- لا يكفى
- ألا يكفى أن يذوق هو وذريته الموت الجسدي؟
- لا يكفى
- الرحمة: أليس هناك من طريق رحمه له ولذريته؟
- العدل: بل هناك،،،، وهو الطريق الوحيد
- الرحمة: وما هو هذا الطريق؟
- العدل: أن يموت عنه من ليس محكوم بالموت: أي شخص بار لم يخطئ!!!
- الرحمة: هناك أبرار كثيرون، نوح أو إبراهيم أو غيرهم؟ هل يصلح احدهم؟
- لا، هناك شروط يجب أن تتوفر في هذا البار حتى يكون فداؤه مقبولا لإيفاء العدل الإلهي حقه كاملآ
- وما هي هذه الشروط؟
قال العدل:
- أولا أن يكون انسانآ لأن العقوبة وقعت على الإنسان فيجب أن يموت إنسان!!!
- ثانيا عليه أن يكون بار:
أي برئ من الخطية الأصلية التي لآدم
وان يعيش طوال حياته على الأرض بلا خطيئة ليكون فاديا لغيره
لأنه أن كانت فيه خطيئة، لا يمكنه أن يموت عن غيره بل موته سيكون عقوبة لخطيئته هو!!!
- ثالثا أن يكون ذو قيمه أعلى من جميع البشر على امتداد أجيالهم حتى يستطيع أن يفدى جميع البشر،
ويدفع ثمن إهانة الله اللامتناهية -
فأي ثمن يمكن أن يوازي جلال الله المهان جراء خطيئة آدم؟
لذلك على الفادي أن يكون لا متناهي - أي غير محدود!!!
ولا يوجد لا متناهي (غير محدود) سوى الله
أي على الفادي أن يكون إله غير محدود
- رابعا عليه أن يبقى حيآ الى الأبد ليشفع في البشر الذين خلصهم الى المنتهى
فقام الأقنوم الثاني، أقنوم الإبن، مدفوع بمحبة الله الغير محدودة للمسكين آدم!!!
وتقدم إلى المنصة أمام قاضي القضاة.
وهو الوحيد الذي تنطبق عليه كافه الشروط المذكورة،
فخاطب ألآب قائلآ:
- هاأنذا يا أبتي، أرسلني، لأفدى بني البشر
قال ألآب:
- يا بني هذه مهمة شاقه
- سأقوم بها
- يا بني، يلزمك أن تولد من إمرأة وتتجسد لتصبح إنسانآ، لتفتدي الإنسان - فهل تقبل؟
- اقبل
- يلزمك أن تشقى وتتعب وتجرب في كل شيء كأي إنسان - عدا الخطيئة، فهل تقبل؟
- اقبل
- كما يلزمك أن تتحمل كثيرآ من الآلام؟
- اقبل
- وتدق يديك وقدميك بمسامير على صليب من خشب؟
- اقبل
- ويلزمك ايضآ، أن تجود بنفسك أي تموت وتوضع في قبر لمدة ثلاثة أيام؟
- اقبل
- حسنآ يا بني سأرسلك في ملئ الزمان
هنا قال القاضي مخاطبآ العدل:
- والآن أيها العدل هل يوافيك هذا حقك كاملآ؟
- نعم
- وأنت أيتها الرحمة، هل أنت راضيه عن عملك الرحيم هذا؟
- نعم، كل الرضا
صاح الحاجب ثانية: رفعت الجلسة
وصاح البعض: يحيا العدل، وصاح البعض الآخر: تحيا الرحمة
"فأطلَقَ الرَّجُلَ الذي طَلَبوهُ، (أي آدم)
وكانَ في السِّجنِ لِجريمَةِ قَتلٍ وإثارَةِ فِتنةٍ،
وأسلَمَ يَسوعَ إلى مَشيئَتِهِم." ليصلب لوقا 23:25
أن عدل الله عدل رحيم.
ورحمة الله رحمة عادلة!
منقووووول للامانة