ديماس قد تركني إذ أحب العالم الحاضر وذهب إلى تسالونيكي .... ( 2تي 4: 10 )
يشق علينا أن نسمع عن ديماس؛ ذلك الرجل الذي وضع عنقه يومًا في الطليعة مع خدام الله في خدمة دائبة، يشق علينا أن نسمع عنه هذا القول: «ديماس قد تركني إذ أحب العالم الحاضر». عبارة بسيطة، عن واحد من الرعيل الأول، بدأ الحياة المسيحية على مستوى رفيع، مُستهدِفًا أعلى المُثل، بدليل الرِفقة التي نجده فيها، التي لا يوجد رفقة على الأرض أكثر منها تكريسًا للرب يسوع المسيح، رفقة رجال مثل بولس ومرقس ولوقا (فل23، 24؛ كو4: 7- 14). في هذا المناخ عاش بضع سنوات يعدّه هؤلاء الرجال شريكًا معهم في الجهاد، وكانوا يتوقعون أنه سيكون شريكًا في المُجازاة أيضًا.
وفجأةً، وبولس في أشد محنته، يوم كان أسير نيرون، عتيدًا أن يقف أمام المقصلة لسبب أمانته، تركه ديماس، تخلى عنه. وعِلة ذلك أوضحها الرسول: لم تكن هذه العِلة أن رعب نيرون وقع عليه، أو أنه ارتسمت أمام عينيه الأسود الجائعة تفتح أفواهها لتبتلعه، وهو لا يملك الشجاعة للتصدي للموقف. وإنما العِلة هي أنه كان في قلبه محبة لهذا العالم. فمع أنه كان قد قطع شوطًا ـ تحت تأثير تجديده وتكرسيه الباكر ـ في أسمى طراز من الخدمة، فإن محبة العالم كانت قابعة في قلبه، وفي آخر المطاف اجتذبته، فترك خدمة الله، وذهب إلى تسالونيكي إذ أحب العالم الحاضر.
لكن لا تحسبن أن ديماس ارتد عن الإيمان، إنما الشيء الذي تخلى عنه هو الخدمة والتكريس. والشيء الذي فعله هو أنه نزل في العيشة المسيحية إلى مستوى أدنى. وأحب أن أقول، بكل ما يسعني من عبارات التوكيد، إنه لا يجب أن ننظر إلى ديماس كمرتد. ومحور الإنذار هو أنه كان منحرفًا. وبعبارة أخرى: كثيرون من المؤمنين يبدأون طريق الحياة المسيحية بمُثُل رفيعة لِما ينبغي أن يكون عليه المسيحي. ولكن، بعدئذٍ تقصر الخُطى وتُهمل الصلاة والشركة مع القديسين وتنحط الحياة الروحية. فما السبب
إن محبة العالم لم تكن قد طُرحت من القلب. لم يكن الانفصال عنها واضحًا، فقد كان ذلك عسيرًا.
عزيزي .. إن محبة العالم هي الخطر الداهم الذي حطَّم خدمة ديماس.
منقووووووووول للاستفادة