--------------------------------------------------------------------------------
المعروف بالشيخ الروحانى
الناسك يوحنا سابا ( المعروف بالشيخ الروحانى ) من الاباء السريان فى القرن السادس الميلادى .. ترهب بدير على نهر افرات .. وكان له اخ بالجسد ترهب ايضا .. وكان كل منهما يسمى يوحنا الذى معناه " الله يتحنن " .
بعد ان اكمل قوانين المجمع انفرد فى برية صعبة .. وكان يشقى وسط الحيوانات والحيات متكلا على الله عابدا اياه بكل ايمان وحرارة .
وكان اخوه الراهب الذى بمجمع الدير دائم الحزن من اجله بسبب حياته الشاقة ووحدته لبقاسية .. وكان يوحنا سابا يرسل اليه بعض الرسائل من حين لاخر يطمئنه فيها على نفسه ويشرح له مقدار عزائه فى البرية كمن يعيش فى حضن امه الرؤوم .
وهذه احدى رسائله الى اخيه وجدناها فى المخطوطة بعنوان :
" رسالة الشيخ القديس الى اخيه الجسدانى الذى كان فى كنوبيون "
( اعلم يا اخى انى كتبت اليك هذه الخطوط الحقيرة والصغيرة بين حين واخر من قبل سنين كثيرة والى يومنا هذا لاعزيك فى وجعك على فقدى .. وانت بعناية جمعتهم ووضعتهم فى كتاب .. لذلك احفظ هذه المعانى لئلا يراها احد الى ان اخرج من الجسد .. يشهد لى ربنا اننى منذ خرجت من الكنوبيون ( مجمع الشركة الرهبانية بالدير ) وضعت على ذاتى الا اكتب شيئا لنظر انسان لانى كنت اخزى من حقارة ذاتى ونفاقى الذى بلا عدد .. ولكن من اجل كثرة وجعك من اجلى تكلفت وكتبت هذه الرسائل .. احفظ بحذر .. وكما ان الله يكشف اسراره لحبيه ويخفيها عن الاخرين كذلك ينبغى لمحب الله ان يحفظ اسرار ربه فى الخفية .. ويكشف فقط الاسرار التى يأمره بكشفها .
كن حريصا انت الان ايها المفرز .. اخف هذه الذى اعطاك ربك لعزائك واكنز الحياة داخل نفسك التى فيها تتنعم الى الابد .. آمين ) .
وبعد نياحة الشيخ الروحانى بدأ اخوه الراهب يوحنا يظهر تلك الدرر الثمينة المملوءة حكمة روحانية .. وقد شفع هذه الاقوال الرائعة باعتذار متواضع جاء فيه : " اسأل كل من يصادف هذه الكلمات بمحبة الله الا يلوم قائلها لانه كان طاهرا .. وكان يتكلم بأسرار الروح بداله ..
وكان يرسلها الى انا الحقير يوحنا اخ القديس بالجسد .. وبمثل هذه الكلمات كان يريد ان يعزينى لانه كان يعلم انى اتوجع من اجله وكان منقطعا عن نظر الناس والحديث معهم .. وكان يعيش فى جبل صعب مكابدا المشقات وسط الحيوانات المفترسة والحيات باتكال عظيم على الله .
بهذه الخطوط المملوءة من المواهب والفرح اراد ان يغير احزانى التى كنت اكابدها بسببه .. وما كان يعلم اننى كنت اكتبها لمنفعة الاخرين .. وكان يحذرنى الا يبصرها انسان غيرى .. وانا جمعتها فى كتاب لتكون لى عزاء وحياة .
ولانه ما كن يجد شيئا يكتب عليه .. احيانا كان يكتب لى على خشب ويبعثه لى .. واحيانا على ورق حقير كنت اذهب به اليه ، وكنت اسأله ان يكتب لى هذه المعانى عن الامور التى كنت اقولها له .. وكان يشدد على الا يراها احد لانه لم يكن فيه حركة لسبح الناس .. وكان يحتقر ذاته ويستهين بها الى اقصى درجة .. وكان دائما يكرر ويذكر نفسه بالدينونة .. والى نفسه كان ينسب كل الخطايا والاوجاع .
وفى كل وقت كان يكتب لى كان يجعل اسمه فى الرسالة " الخنزير " ونا غيرته لاجل انه لا يحب ان يكتب هذا
وارجو من كل من يكتب هذا الكتاب .. كله او بعضه الا يقطع الاعتذار لتى جعلته لسبب الكتاب .. من اجل محبة المسيح الذى له المجد لى الابد آمين
__________________
التوقيع