باتريك وعقلة الإصبع
باتريك .. لا يؤدي واجبه أبداً بل يعتبره "مملاً جداً" .. وبدلاً من
ذلك هو يحرص على لعب البيسبول وكرة السلة والننتندو . أما أساتذته فقد
قالوا له مراراً : يا باتريك .. أد واجبك وإلا لن تتعلم أي شيء . وقد
كان ذلك صحيحاً .. فأحياناً يشعر باتريك بأنه فارغ من الداخل . ولكن
ماذا يفعل ؟ إنه فعلاً يكره أداء واجباته المدرسية . وذات يوم .. وجد
باتريك قطته تلهو بدمية صغيرة .. ولم يعجبه ما تفعل فانتزع منها الدمية
.. فإذا بما انتزعه لم يكن دمية بل كان جنياً صغيراً في حجم عقلة
الإصبع
كان الجني يرتدي قميصاًَ قديماً من الصوف وبنطالاً قصيراً وحذاء من
العصور الوسطى .. وكان يعتمر قبعة طويلة مثل قبعات السحرة . كان الجني
يصرخ : أنقذني .. لا تعيدني أبداً لهذه القطة .. وسأحقق لك أي أمنية
تتمناها .. أعدك بذلك . ولم يصدق باتريك كم أصبح محظوظاً .. فبفضل ذاك
الجني ستنتهي كل مشكلاته .. فكر باتريك قليلاً ثم قال للجني الصغير :
يمكنني أن لا أعيدك للقطة بشرط واحد .. أن تنجز واجبي المدرسي خلال
الأيام الخمسة والثلاثين المقبلة أي حتى نهاية الفصل الدراسي بحيث أحصل
على أعلى الدرجات .. في كل المواد
وما أن سمع الجني الذي كان في حجم عقلة الإصبع ذلك القول حتى اكفهر
وجهه وأصبح من الهمِّ أشبه بخرقة غسل الصحون إذاء هذه العقبة .. فركل
الأرض بقدميه .. وضرب الهواء بقبضتيه .. وقطب جبينه .. وكز على أسنانه
.. وزمَّ شفتيه .. وقال : إنه اتفاق جائر ولكن سأؤدي لك واجبك . وكان
عقلة الإصبع عند وعده . فقد بدأ ينجز واجبات باتريك .. ولكن كانت هناك
مشكلة واحدة هي أنه لم يكن يعرف ماذا عليه أن يفعل وكان يحتاج إلى
المساعدة . قال لباتريك : ساعدني .. ساعدني
وكان على باتريك أن يساعده بطريقة أو بأخرى . فكان عقلة الإصبع يصرخ
قائلاً : يا باتريك ساعدني .. لا أعرف معنى هذه الكلمة .. اعطني
القاموس .. لا بل افتح القاموس وابحث عن الكلمة ثم اقرأها لي بصوت عالي
حرفاً حرفاً . وعندما يأتي دور أداء واجب الرياضيات .. كان باتريك يشعر
بالغضب من كثرة أسئلة عقلة الإصبع .. خاصة حين يسأله ما قيمة جدول
الضرب .. وما أهمية عمليات الضرب والطرح والجمع والقسمة .. اجلس هنا
إلى جواري واشرح لي . ولأن الجن لا يعلمون شيئاً عن تاريخ بني البشر
لأنه مليء بالغموض .. فقد كان عقلة الأغصبع يصرخ ويعلو صراخه ويقول
لبارتيك : إذهب إلى المكتبة أحتاج إلى كتب كثيرة .. المزيد والمزيد من
الكتب لأفهم .. ليس هذا وحسب .. بل عليك أيضاً أن تقرأها لي .. وهكذا
وبمرور الوقت كان هذا الجني الصغير يزداد تذمراً
وكان يجبر باتريك على العمل أكثر من اي وقت مضى .. كان يجبر باتريك على
السهر حتى ينجز واجباته .. ثم يستيقظ مبكراً ليذهب إلى المدرسة في
الصباح وعيناه منتفختين وحمراوين من السهر والتعب . وأخيراً هل آخر يوم
في الفصل الدراسي .. وأصبح من حق الجني عقلة الإصبع أن يرحل .. حيث لم
يعد هناك مزيداً من الواجبات المدرسية لدى باتريك لينجزها . ولذلك فقد
تسلل خلسة من الباب الخلفي للمنزل
وحصل باتريك على أعلى الدرجات في جميع المواد الدراسية .. ودهش زملاؤه
في الفصل لذلك .. وابتسم أساتذته وهم يثنون على تفوقه .. أما والداه
فقد بقيا يتساءلان بدهشة : ماذا حدث لباتريك ؟ لقد أصبح الآن طالباً
مثالياً .. ينظف حجرته .. ويؤدي واجباته اليومية بكفاءة .. ولم يعد
يتذمر أو يغضب .. المهم أنه بدا مختلفاً تماماً عن ذي قبل . لقد اكتشف
باتريك في نهاية المطاف أن عقلة الإصبع جعله يؤدي كل واجباته بنفسه ..
لكنه قرر أن يحتفظ بالسر لنفسه ولا يطلع عليه أحد إلا أنت يا من تقرأ
الآن قصته .. لم يكن الجني هو من أدى واجباته المنزلية بل كان باتريك
.. باتريك وحده هو من أنجزها